الأحد، 18 أكتوبر 2020

الخوف من الفُقدان

top

   الخوف من الفُقدان  

                                                    بقلم فاطمة ربيع





تجلس في حديقة المستشفى في هدوء الليل تنتظر أي خبر جديد.. ليأتي نسيم الهواء ويداعب 


وجهها ويجفف دموعها التي تسيل علي وجنتيها.. تدمج ظلام الليل مع ظلام حياتها.. 


تحاول أن تكتم تلك الدموع اللامعه والحزينه.. تغوص في أعماق أفكارها وذكرياتها مع والدتها 


وتتذكر كل الأحداث عندما كانت أمها تعمل مربية أطفال لكي تدخر بعض المال لتلبي كل أحتياجات 


ابنتها الصغيرة بعد وفاة والدها في حادث سياره.. فلقد كرثت حياتها لأبنتها الصغيره فقط.. 


عملت في أكثر من مكان! 


كانت تذهب لتنظف المكاتب والمنازل بأجر ليس بسيء.. عملت نادلة في بعض المطاعم أحياناً.. 


تغلبت علي كل شيء وتحملت صعاب الحياة وما بها لكي تربي أبنتها .. ولكي لا تحرمها من أي 


شيء قط..

 

ومرت  الأيام والأعوام حتي أصبح عمر الفتاه ثمانية عشر عاماً.. 


********


وفي يوم من الايام خرجت الفتاة للهو مع صديقاتها ولكنها تأخرت كثيراً حتي دقت الساعه الثانية

 

فجراً  وهي لم تعد إلي المنزل بعد! وظلت محاولات الإتصال بها بلا جدوى فلقد كان هاتفها مغلق 


ولم تستطع  الوصول إليها إلا الآن وزاد قلقها وخوفها كثيراً.. حتي عادت الفتاة إلي المنزل وهي تدعي 


الإرهاق الشديد والنعاس.. وقفت والدتها أمامها وصفعتها علي وجهها حتي كادت أن تقع من 


شدة الصفعه..

 

ظلت الأم تصرخ بها وهي تسألها الكثير من الأسئلة أين كنت ؟ ولماذا تأخرت ؟ 


فردت عليها الفتاة بغضب 


"أنا لست صغيره يا أمي أذهب أينما يحلو لي وأعود أيضا بالوقت الذي أريده " 


فصرخت في وجهها مرة اخرى وهي تبكي 


"أنتِ لا تشعرين بي لقد كنت قلقه عليك  كثيراً كاد رأسي أن ينفجر وقلبي يملؤه الخوف"


 ثم فجأة وقعت الأم علي الأرض .. ومن شدة وقعتها كانت الدماء تسيل من تحت رأسها.. 



فصرخت الفتاة وبسرعة أخرجت هاتف والدتها من الغرفة وهي تحاول أن تتذكر رقم الاسعاف ولكن 


دون جدوى  كادت أن تحطم الهاتف بيدها من شدة الخوف.. ولكنها لم تستسلم!  حاولت أن تطلب 


بعض الارقام فى محاولة  لطلب الرقم الصحيح حتي رد عليها أخيراً أحد من الاسعافات وهي 


تستنجدهم  بسرعة.. 


ثم أمسكت بيد أمها وهي تبكي وتنادي عليها فلقد كانت في حالة يرثى لها وتعتذر من أمها 


فى محاولة  لإيقاظها ولكن دون فائدة .. 


حتي وصلت الاسعاف وبسرعه حملوها وذهبو بها إلي المستشفى 


دون أن  تستيقظ ....

 

             *******


قالت الفتاة وهي تؤنب نفسها في تلك الحديقه :


" لو كنت أخبرتك بأن سبب  تأخيري عنكِ هو عملي الذي كان في المطعم المجاور لنا.. 


كنت فقط أريد أن أساعدك  في أي شيء وأعطيكِ راتبي .. لم أكن أعلم أن كل هذا سيجرى ونسيتُ 


أيضاً أن اخبرك بأن هاتفي فرغت بطاريته.. وأن  المدير أجبرني علي العمل لساعات إضافية  في هذا 


اليوم يا أمي.. سامحيني يا أمي.. لو كان العمر يهدى.. لو كان بمستطاعي أن أزيل عنكِ المرض 


والعبء يا أمي.. أنتِ هي دنيتي وكل ما بها جميل.. لقد كنتي في عقلي شيء لا يذهب ولن 


يذهب.. أرجوكي عودي يا حبيبتي " 


حتي نادتها أحد الممرضات وعلي وجهها إبتسامة عريضه لتخبرها بأن أمها قد أستيقظت وتنادي 


علي ابنتها.



تمت


3 التعليقات

جميل جداا ما شاء الله كملي كلامك جميل اووي ♥️♥️♥️♥️♥️


التعبيراتالتعبيرات