الجمعة، 4 ديسمبر 2020

فى بيتنا مدمن ..(الحلقة الخامسة) بقلم ا .د احمد الباسوسى

التصنيفات
top

فى بيتنا مدمن ..(الحلقة الخامسة) 

بقلم ا .د احمد الباسوسى 



 تظل أفخاخ الادمان منصوبة ومتنوعة للايقاع باكبر عدد من الاشخاص أو الضحايا، منها ما يتعلق بفشل الشخص في التعامل مع الضغوط التي يتعرض لها في مسيرة حياته اليومية الاعتيادية، وعجزه عن اتخاذ القرارات المناسبة التي تمكنه من الادارة الجيدة لحياته سواء الشخصية أو الاجتماعية أو المهنية، وقد يكون هذا الأمر بسبب نقص في المهارات الاجتماعية خاصته، وانحسار خبراته في الاحتكاك والتواصل مع الواقع نتيجة لتاريخ مكتسب منذ التنشأة الاجتماعية الاولى يتميز بالاعتمادية على الآخرين، والرعاية المبالغ فيها التي مبعثها القلق، والحماية الزائدة والخوف الزائد، وتكون النتيجة حرمان الشخص من الكثير من التأثيرات البيئية المهمة، والخبرات الحياتية التي كان من الواجب ادراكها وتعلمها، وكذلك من المعلومات المهمة عن واقعه، ومجتمعه، وعلاقاته بالآخرين. 


أيضا يفتقد الشخص للكثير من مهارات التواصل المباشر مع الأخرين، والأحداث، ويصبح جداله أو علاقته بواقعه محدودة للغاية، وبالتالي تنتقص قدرته على اتخاذ القرارات المناسبة في حياته. 


ان التنشئة الاجتماعية المتوازنة بوعي وحكمة مسئولة من دون شك عن اكساب الاطفال والصبية معلومات وخبرات قيمة تساعدهم على تطوير النضج النفسي لديهم Psychological maturation الأمر الذي ينعكس على توافقهم الشخصي والاجتماعي مع الواقع حولهم، وينعكس كذلك على مبلغ استبصارهم والمعلومات التي تصلهم عن العالم الذي يعيشونه، وعلى استجاباتهم لأحداث الحياة الضاغطة، وقدراتهم الخاصة بحل المشكلات واتخاذ القرارات المناسبة والمتوافقة مع أهدافهم وطموحاتهم. 



ان حرمان الشخص من النشأة الاجتماعية المتوازنة سواء نتيجة لاضطراب الغلاف الاسري خاصته، أو نتيجة لعدم وجود أسرة من أصله، او لاسباب شخصية تتعلق بحدوث اضطراب مبكر في سلوكياته، أو على مستوى نموه الشخصي ....الخ  من الاضطرابات التي تصنف لاحقا بعد البلوغ ضمن فئة اضطرابات الشخصية Personality disorders، أو حتى بالاضطرابات الذهانية Psychotic disorders يؤثر بالتأكيد على توافق الشخص مع الغلاف الاسري المحيط، ومع الغلاف المجتمعي برمته. 


هذا الأمر يحرمه من استلام المعلومات السوية عن واقعه، ويحرمه أيضا من الخبرات الحقيقية التي يجب ان يكتسبها بشكل طبيعي يتناسب مع مراحل نموه الشخصي، وكذلك من االاستبصار الجيد بواقعه وظروفه، 




كذلك يحرم من المهارات الاجتماعية المطلوبة التي عن طريقها يتثنى له انجاز اهدافه واحلامه، وارضاء نفسه والآخرين. هذا الشخص تسيطر على مشاعره وأفكاره الحيرة والتشتت، أفكار سلبية تتملك دماغه معظم الوقت، موجات انقباضية خانقة داخلية غير معلومة المصدر تهاجمه وتقضي على راحته وسلامه النفسي، بالاضافة التى تواتر غير مفهوم لفوران مزعج وغير محتمل من موجات من التوتر والقلق والمشاعر التشككية غير المريحة تجاه المواقف والأشخاص، يتحول الى شخص عصبي المزاج.

احيانا يصبح غير قادر على السيطرة على سلوكه وتصرفاته ومتهور، لايستطيع أحد ممن حوله التنبؤ بسلوكياته أو قراراته، يتحول الى كتلة متحركة من الاضطراب واثارة المشاكل وربما الأذى لمن حوله خاصة المقربون منه جدا، يخاصم النوم جفونه لايام، وان عاد يكون مضطربا كابوسيا غير محتمل. لايعتقد في نفسه على الاطلاق انه في حاجة الى مساعدة اختصاصيين، بل يحتاج فقط الى حبات قليلة من المهدئات أو المنومات تصل به الى النوم المريح، لكنه لايرتاح، يستمر في البحث بنفسه داخل الصيدليات، يستشير اصدقائه المقربون وغير المقربين، يتعاطى اصناف كثيرة من الادوية، يستمر في رحلة البحث عن الراحة والهدوء والسلام النفسي في المخدرات والحبوب والكحوليات.

أخيرا يعثر على ضالته، يستكشف بالصدفة المادة التي هدأت من توتراته وقلقه وجعلته ينعم بقسط معقول من الراحة. يقبل عليها بشغف، يتكرر استخدامه لها، هذه المادة لها خصائص ادمانية مؤثرة في الجهاز العصبي، تعاطيها المتكرر يظهر له صفاتها الادمانية، صفة التحمل، حيث يكتشف ان المادة تسحبه الى تعاطي المزيد من جرعاتها مع مرور الوقت لكي يحصل على ماكان يحصل عليه في السابق من تأثيرها الذى حقق له الراحه والسلام النفسي، ثم صفة الاعراض الانسحابية حيث يكتشف انه اذا تأخر عن تعاطي الجرعة المطلوبة أو اضطرته الظروف الى تأخر الحصول عليها ليوم أو يومين يمرض جدا، ويدخل في اعراضها الانسحابية النفسية والجسدية المعروفة لذا يجب ان يحصل عليها فورا  لكي يعالج هذا المرض ويستعيد اتزانه وينصلح حال جسده المريض. في هذه الحالة نقول ان هذا الشخص قد سقط في فخ الادمان رسميا. 


التعبيراتالتعبيرات