الاثنين، 16 نوفمبر 2020

فى بيتنا مدمن .. الحلقة الثانية .. بقلم ا.د أحمد الباسوسى

التصنيفات
top

 

فى بيتنا مدمن ..( الحلقة الثانية 

         بقلم ا.د أحمد الباسوسى


كيف نقع في فخ الادمان؟

الادمان في حد ذاته ليس هدفا يسعى اليه أحد، بل حالة تتلبس الشخص وتعتبر استجابة طبيعية (جسدية ونفسية) نتيجة تكرار تناوله مادة معينة، أو  اعتياده على تكرار ممارسة سلوك معين، ويشترط بالنسبة للمادة ان تكون ذات خصائص كيميائية لها تأثير مميز على الجهاز العصبي (خصائص الفعالية الادمانية) فتحدث داخل الشخص حالة من الانتشاء أو المرح أو كلاهما، ويتخفف الشخص من انقباضه الداخلي، وتتحرر مشاعره  ولسانه. 


وتدريجيا ومع استمرار الاستخدام يتوقف الافراز الطبيعي لهرمون "الاندرفين" في الدماغ ليحل محله هرمون الاندرفين الصناعي الموجود في المادة المتعاطاة، وبالتالي يكتشف المرؤ ان ليس بمقدوره الاستغناء عن هذه المادة بسهولة، لان عدم تعاطيه اياها يفرض عليه حالة خاصة من المزاج السلبي مثل الضيق/العصبية/ مشاعر عدم الراحة/الانقباض/القلق المشوب بالاضطراب وفقدان التركيز والاهتمام. وبمرور وقت الابتعاد عن تعاطي المادة تظهر الأعراض الجسدية الأكثر ازعاجا وارهاقا والتي تشكل زملة أعراض الانسحاب الجسدية وقد ذكرناها بتفاصيلها آنفا. 


هذه الأعراض تكون بمثابة المحفز الرئيسي للشخص للبحث عن دواء لعلاجها والتخفف من الآمها وآثارها، والدواء الوحيد الناجع الذي يمكنه ان يزيل الآم الشخص فورا في هذه الحالة ويعلمه المتعاطي جيدا هو المادة نفسها.


ادمان المخدرات


يقول الاخصائيون في مجال طب الاعصاب ان تكرار التعاطي الى حد الادمان يخلف تأثيرات جوهرية على مخ الانسان منها تلك الفجوات أو الحفر التي تميز القشرة الخارجية للمخ أثناء فترة التعاطي، والتي لايتمكن أي دواء من الادوية الكيميائية التي توصف لعلاج الشخص من آثار انسحاب المخدر من جسده تغطيتها أو ملء تلك الفجوة كليتا حتى يشعر الشخص بالراحة والهدوء. 


ان المادة المخدرة هي الدواء الوحيد الذي يتمكن من تغطية هذه الحفرة ويعيد للشخص هدوءه وراحته على الفور. هذه النظرية تفسر لماذا يلجأ المدمن الى التعاطي فورا أثناء تعرضه لموجات الأعراض الانسحابية ؟. كذلك تفسر لماذا يستشعر المدمنين أثناء الأعراض الانسحابية في مصحات العلاج بعض الأم الجسدي وعدم الراحة وفقدان التركيز على الرغم من تعرضهم لبروتوكول دوائي محترم لعلاج الاعراض الانسحابية الجسدية والنفسية؟. الاجابة ببساطة ان الفجوات أو الحفر التي تنتج عن التعاطي والادمان لا يمكن ملؤها سوى بنفس المادة المخدرة، واما الأدوية الطبية المعتادة الخالية من عناصر الفعالية الادمانية  تتمكن من ملء جزء من الفجوة أو الحفرة فقط، وتترك جزءا آخر هو الذي ينجم عنه الألم والضيق.


مواد مخدرة


وجدير بالذكر ان بعض المصحات العلاجية لديهم بروتوكولات دوائية شديد التكثيف والتركيز، وفعالة  لدرجة قد تفقد المريض وعيه بضعة ايام، يستيقظ على اثرها من دون ان يمر بخبرة الم الأعراض الانسحابية. لكن الاعتبارات الكلينيكية (سلوكيا ومعرفيا) والانسانية قد تبدو دائما في صالح برتوكولات الدواء الطبيعية حيث يستشعر الشخص خلالها ببعض الآلام والمعاناة (خبرة مؤلمة) تكون بمثابة المحفز السلبي الذي يمكن ان يساعد الشخص في عدم العودة لسلوك التعاطي والانتكاس من جديد، لأنه قد يستحضر تلك الخبرة من الألم والمعاناة ويمكن ان يشحذ طاقته من المقاومة والصمود حتى لايعود الى التعاطي ومن ثم يضطر للمرور بنفس الخبرة من الألم. 


للاسف غالبية المتعاطين للمواد المخدرة يعلنون استسلامهم على الفور مع استشعارهم لآلام انسحاب المخدر أو الكحول من اجسادهم، يعودون للتعاطي فورا لعلاج أو للتخفف من آثار انسحاب سموم المواد المخدرة من اجسادهم. في هذه الحالة يصبح الشخص معتمدا على تلك المادة التي اصبحت تمنحه ما كان يحتاجه من هدوء نفسي ومشاعر راحة واتزان، وحالة من الانتشاء مفتقدة في حياته الطبيعية، وكذلك تلك الحالة اللافتة  من التحرر السلوكي/الانفعالي المرغوبة بشدة.


الفخ الكبير الذي يسقط فيه المدمن


الفخ الكبير الذي يسقط فيه الشخص في براثن التعاطي والادمان يعتمد على ثلاثة محاور رئيسة هي

محور شخصية المدمن أو الشخص القابل أو المهيأ لأن يصبح مدمنا. نطلق عليها العوامل الشخصية المهيئة للادمان  Predisposing to addiction Personal factors . ومحور يتعلق بالمادة المخدرة ذاتها ومدى اتاحتها وامكانية الحصول عليها وشدة تأثيرها في الايقاع بالشخص في براثن الادمان Substance Addictive . والمحور الثالث يتعلق بالمناخ أو الوسط المهيأ والداعم لسلوكيات وأفكار التعاطي والادمان Supportive Atmosphere to addiction.

1 التعليقات so far

موضوع قيم ويوضح أهم سبب في انتكاسة راغبي التخلص من الإدمان كل التقدير للأستاذ الدكتور أحمد الباسوسي


التعبيراتالتعبيرات