فى بيتنا مدمن (الحلقة الثالثة عشر) ... بقلم ا.د أحمد الباسوسى
فرحة الخروح من "سجن" المصحة
ان الظروف الخاصة بالانتكاسة وعودة المدمن المتوقف الى حظيرة
التعاطي صعبة ومتحدية، وكما يشغل هذا الأمر ملايين الأسر حيث يعاني ابنائهم من
مشاكل التعاطي والادمان فانه يشغل بال المختصين المحترفين في المجال كذلك.
ان المريض المتوقف والخارج حديثا من مصحة العلاج يكون "هشا" vulnerable ضعيفا تجاه الضغوط النفسية
والاجتماعية. رغم فرحة الخروح من "سجن" المصحة واستقبال الحرية تنتابه
مشاعر غامضة من القلق والتوجس واقتراب الخطر.
اعتدت في جلسات العلاج الجمعي ان احتفي بالمريض الذي أوشك على الخروج من
المصحة ولن يكون معنا في الجلسات اللاحقة. كنت اطلب من كل مريض في الجلسة ان ينظر
الى صاحبنا في عينيه، ويذكر سلبياته وايجابيته في فترة وجوده بينهم. ثم بعد ذلك
اقوم بنفسي بتقييمه بنفس الطريقة.
والهدف من هذا الاجراء المعرفي واضح وهو رؤية المريض المدمن المتوقف لذاته
من خلال العديد من المرايا الخارجية الممثلة رؤية وتعليقات زملائه في الجلسة له وكذلك
معالجه حتى يتم استجلاء سلبياته أو أخطائه التي لايستطيع ادراكها بسبب مرأته
الذاتية التي انكسرت بفعل أحداث التعاطي والادمان وتحدياتها، وكذلك يتاح له الفرصة
ليرى ايجابياته أو حسناته بوضوح شديد، حيث لايستطيع رؤيتها بسبب مرآته الذاتية
المكسورة،
ومن المعروف ان سياق الادمان ومشاكله ينجم عنه فقدان شديد لثقة الشخص في
نفسه، مع مشاعر متواترة من الدونية والعجز، وبالتالي تتأثر قدرة الشخص على رؤيته
أو مدركاته الخاصة بعيوبه ومزاياه، ويكون داخله قد تغلف بغلالة اكتئابية مزعجة.
بعد ذلك يسمح للمريض بالتعليق على تعليقات زملائه، وكل ما جرى في الجلسة.
يتبع ذلك استفسار من المعالج عن مشاعره الآنيه (هنا والآن) بالنسبة لخروجه النهائي
من المصحة. بعضهم يرد بعفوية "مبسوط طبعا هاطير من الفرح"، وعندما يتنبه
الى مبلغ الخطر المتربص خارج بوابات المصحة، سواء عن طريق المعالج أو أحد زملائه
في الجلسة، يتغير لون وجهه على الفور، تنقلب علامات الفرح وتعبيراتها المنفلتة الى
امتقاع، وتجهم واضح، وتظهر علامات الخوف في وجهة، تتلعثم لغته، يعلن خوفه من
المجهول".




التعبيراتالتعبيرات