قراءة فى رواية عيون على الخط ..
للكاتب الروائى أ/ فوزي وهبة
بقلم عاصم عبد الحميد
![]() |
الكاتب الروائي فوزي وهبة |
صدرت رواية عيون على الخط ضمن سلسلة ادبية يصدرها اتحاد كتاب مصر تحت عنوان كتاب الاتحاد .. وهى حلقة من من سلسلة طويلة من الابداع للكاتب المبدع الاستاذ فوزى وهبة .. يسعدنا أن نلقى الضوء عليها فى لقاءنا فى هذا العدد..
* أولاً: بالنسبة للشكل : تكونت من سبعة عشر فصلاً ..
* ثانياً : نحن أمام عمل مبتور.. كنت أتمنى أن نناقش العمل بجزئيه حتى نستطيع اصدار حكم كامل ... لكن نتطلع فى الأيام القادمة لمناقشة الجزء الثانى من نفس العمل..
* أما بالنسبة للمضمون : فإننا مبدئياً نلاحظ أن الكاتب خرج عن المنحنى التقليدي لبناء الرواية وهو ( المقدمة – العقدة أو الذروة – ثم النهاية ) وذلك لأن صياغة الرواية كانت أقرب للسيرة الذاتية من السرد القصصي المعتاد .. والتى جاءت على لسان الأستاذ وحيد مدرس التاريخ..
* بدأ المؤلف روايته بتساؤلات طرحت نفسها بقوة ودارت بأذهان الشعب المصرى فى ذلك الوقت بعد هزيمة يونيو.. ثم رصد الأحداث والمشاعر في فترة من أخطر فترات التاريخ المعاصر لمصر .. فترة ما بين نكسة 1967م وأكتوبر 1973م.. والتى رمز لها بقراءة من تاريخ مماثل لمصر الفرعونية ..
" كان الدرس عن هزيمة المصريين القدماء أمام الهكسوس وعن كفاح طيبة القديم وسنوات العذاب الطويلة ولحظات الانتظار المريرة .. ثم انتصار الجيش المصري فى النهاية بقيادة أحمس وطرد الهكسوس من البلاد .. "
ثم يضيف: " التاريخ دائماً يعيد نفسه "
وهى حقيقة واقعة .. بل تعد أحد الأسباب المهمة لقراءة التاريخ وبالتالى التنبؤ بالمستقبل ..
* استطاع الكاتب تجسيد تلك الفترة التى امتزجت فيها المشاعر بين الأحساس بعار الهزيمة والغضب .. ومحاولة فهم الأمر واستيعابه .. ثم التسليم بالأمر .. والترقب .. ثم الأمل والرغبة فى تخطى المحنة.
وهو ما نعبر عنه فى علم النفس بمراحل ما بعد الصدمة ( الإنكار – ثم الغضب – ثم المساومة – ثم الاكتئاب – وأخيراً التقبل ).
* قصة حب ممدوح وشمس ذلك الجزء الذى أضفى على الرواية وأخرجها من الثوب التاريخي إلى الثوب الرومانسى .. واقتبس من الكاتب جملته :
" قطعاً إن الذى يحبه الله يعطيه الإنسانة التى تحبه "
* أيضاً نجح الكاتب فى إعطاء صورة عن الحياة والتفاعل الاجتماعى فى مدن الصعيد وذلك من خلال الوصف التفصيلى لأسرة مجدى صديق الأستاذ وحيد ..
* كما أشار الكاتب أيضاً إلى معاناة الخريجين وضرورة التحاقهم بالعمل باحد القاليم بعيداً عن أسرهم قبل عودتهم فيما بعد للقاهرة .
* استعراض حياة الأستاذ وحيد من خلال تذكره اساليب تربيته وكيفية بناء شخصيته من خلال العقاب القاسى " العلقة الساخنة " الذى تعرض لها من والده .. ليتحول من تلميذ بليد إلى تلميذ متفوق ...
** السؤال هل كان هناك تعارض حقيقى بين الحب ورعاية الأخوة ؟ أو الحب الضائع كما أطلق عليه الكاتب..!
فى صــ 36 وردت عبارة : لا .. حاسب ... إلزم حدودك .. وهى جملة عامية دارجة لا تتناسب مع البناء اللغوى الذى امتازت به الرواية.
* نجح الكاتب إلى حد بعيد فى تصوير جزء من حرب الاستنزاف .. والبطولات التى قام بها جنودنا الأبطال .. وتقديمهم لأرواحهم عن طيب خاطر فداء للوطن..
*برع الكاتب فى تصوير مشهد وفاة عبد الناصر الرمز والزعيم بقوله " العملاق مات " ورد فعل الجماهير ثم تولى السادات دفة الأمور..
* ثم فقرة الرائد جميل وتعسفه وطلب الأستاذ وحيد من أخيه الصمت وعدم الشكوى من رد ممدوح :
" لقد صمتنا كثيراً وكانت النتيجة ما حدث لنا فى عام 1967م "
وهى ترمز بكل حال لأخطاء وتعسف مراكز القوى والطريقة الخاطئة التى أديرت بها البلاد فى هذه الفترة والتى انتهت بكارثة 1967م .
نقد
** استخدم الكاتب منذ بداية الرواية أسلوب القاص أو الراوى .. ولكنه فى مقدمة الفصل الثانى عشر .. سقط الكاتب فى فخ أسلوب الوصف .. كان من الأفضل أن تسير الرواية على نفس نسق القاص أو الراوى كأن يأتى وصف هذه الأحداث على لسان ممدوح وكأنه يقص على أخيه وحيد ما حدث معه أثناء مقابلة اللواء الماحى ..
ثم يحضرنا هنا سؤال جديد :
* إذا كانت الشكوى التى تقدم بها ممدوح قد تم التأكد من صحة ما ورد بها .. لماذا أعاد ممدوح الامتحان فى مادة الرسوب فى ( دورة الكلية الحربية ).
* رصد الكاتب جزءاً من خطة الخداع الاستراتيجى التى سبقت حرب أكتوبر مثل الحفلات الساهرة .. لدرجة أن مدرس التاريخ نفسه أعلن بتهكم :
" من يدرى .. ربما يكون الجيش فى حالة استرخاء عسكرى أيضاً "
** فى صــ 102 نجد تعارض وتضارب فى التاريخ حيث ذكر المؤلف :
صباح 3 أكتوبر حضر نبيل من الإسماعيلية ... ثم فى الصفحة المقابلة صــ 103 يعود المؤلف ليقول : صباح 2 أكتوبر سافر نبيل إلى الإسماعيلية.
*من مواطن الجمال فى الرواية نجاح الكاتب فى رصد الحرب من وجهة نظر المواطن العادى ( مدرس تاريخ ) الذى يراقب الأحداث ليربط ما حدث فى الحاضر بما حدث فى الماضى ... وذكاء الكاتب فى ربطه بين بداية الرواية ونهايتها وذلك من خلال الجملة:
" أحمس قاد جنوده الشجعان نحو النصر ... طرد الهكسوس .. حرر الأرض .. روح رمسيس الثانى بعثت من الماضى .. انطلقت فى عربة حربية فوق القناة تشهد بطولات الأحفاد .. "
* و فى نهاية الأحداث يرمز الكاتب من خلال استشهاد البطل ممدوح إلى الآتى :
أنه رغم الانتصار العظيم إلا أننا قدمنا ثمناً فادحاً فى سبيل تحرير الأرض ومحو العار ...
ويختتم الكاتب روايته بالجملة التى تربط الحاضر بالتاريخ الماضى :
" رمسيس الثانى يطل علينا من خلال تمثاله الضخم .. يشير بيده بقوة إلى أحفاده .. فخوراً بهم وبانتصاراتهم .. بينما الورود والأزهار الكثيرة تغطى سماء الميدان الواسع الكبير"..
عاصم عبدالحميد


التعبيراتالتعبيرات