فى بيتنا مدمن (الحلقة الرابعة عشر) ... بقلم ا.د أحمد الباسوسى
عوامل الانتكاسة بين الوهم والحقيقة
ان المدمن المطلق سراحه توا من المصحة، وتجاوزه أبوابها يفقد حصن الحماية والأمان أو المحمية التي كان يحتمى داخلها. تهيمن عليه مشاعر الضعف والوهن والخوف، عكس مشاعر القوة والسيطرة التي كانت تتملكه قبل لحظات داخل أسوار المصحة (المحمية التي يحتمي داخلها). هذا الشعور بالوهن يصبح البيئة الخصبة المهيئة لتواتر كافة صنوف المشاعر السلبية الدافعة بقوة نحو التعاطي من جديد، وسوف نوضح اسباب ذلك لاحقا في حديثنا عن عوامل الانتكاسة.
وفيما يخص العائلة والاقارب تتواتر لديهم مشاعر القلق والتوجس من الانتكاس وتكرار السيناريوهات السابقة. ان الأمر في حاجة الى فحص أكثر دقة لتلك الظروف التي تدفع بعودة الشخص المتوقف الى التعاطي من جديد.
كما ذكرنا انشغل اختصاصيون محترفون بهذه المسألة كثيرا، منها ما قرره برادلي وزملائه ان نحو (64%) من المنتكسين ذكروا ان سبب عودتهم الى التعاطي يرجع الى العوامل المعرفية وما تتضمنه من تعمد الفرد وتخطيطه للعودة للتعاطي من جديد.
كذلك ذكر نحو (52%) من المنتكسين ان سبب عودتهم يرجع الى المزاج الاكتئابي (يشتمل المزاج الاكتئابي على الغضب/الاكتئاب/القلق) أو الملل أو الغضب أو الحزن أو الوحدة أو القلق أو التوتر، أو مزيج من كل ذلك.
وذكر نحو (50%) من المنتكسين المؤثرات الخارجية التي تشير الى أحداث، أو مواقف ليست لها علاقة مباشرة بالتعاطي لكنهم برروا الانتكاسة بسبب هذه المواقف أو الاحداث. أيضا ذكر المنتكسون العوامل المعرفية والمزاجية واعتبروها أكثر العوامل المؤدية الى الانتكاسة.
واعتبر المنتكسون ان العوامل المعرفية والمزاج أكثر العوامل المؤدية الى الانتكاسة. وبالنسبة لأكثر العوامل شيوعا المؤدية الى الانتكاسة، ذكر المنتكسون المزاج السلبي، والعوامل المعرفية، ومغادرة المصحة أو السجن، بما يعني فقدان غطاء الحماية.
وجدير بالذكر ان أسوار المصحة وما يعتمل داخلها من اجراءات علاجية/وقائية تكون حصنا منيعا لدى المدمن تحت العلاج من امكانية انتكاسته وعودته الى التعاطي، وبذلك يستشعرها المريض كأنها محمية ترفع من مناعته الشخصية ضد الانتكاسة، وكذلك تزيد بقوة من درجة ثقته بنفسه، حيث تمنحه شعورا طاغيا بقوة ثقته بنفسه، وقوة ارادته في امكانية التعامل مع الواقع الخارجي والسيطرة عليه، لذلك نلحظ الكثير من طلبات الخروج من المصحة في اعقاب حالة الاستقرار البدني وزوال آثار السموم من اجسادهم.
المرضى هنا وقعوا في فخ الثقة بالنفس المفرطة الزائفة، بمعنى ان تلك الثقة المكتسبة آنيا مجرد شعور طاغي وهمي تملكهم بعد الشفاء من الاعراض الانسحابية بسبب ووجودهم في "المحمية"، وتوقعهم بان الظروف في العالم الخارجي تتماثل مع ظروف وجودهم داخل المصحة أو المحمية. لذلك نقوم بالكثير من الجلسات معهم من أجل اقناعم ان مشاعر الثقة المفرطة في النفس الآنية وهمية، لأنها لم تختبر بعد، ولم يتم التأكد منها، ونستعين بذلك بخبرات زملائهم الآخرين الذين مروا بنفس الظروف، وعادوا للتعاطي على بوابات المصحة حتى قبل ان يبلغوا منازلهم.
وفيما يتعلق بالعوامل المرتبطة باستمرار التعاطي ذكر المنتكسون العوامل المعرفية والمزاج والمؤثرات الخارجية على الترتيب .
ان العوامل المعرفية والمزاج والمؤثرات الخارجية أكثر العوامل المؤدية للانتكاسة شيوعا، لكن هناك عوامل أخرى تؤدي الى انتكاسة المدمن المتوقف مثل الاغراء أو الدفع الى التعاطي من قبل اصدقاء التعاطي السابقين أو غيرهم. . أيضا تتضمن العوامل المؤدية للانتكاس عامل اللهفة أو الاشتياق للتعاطي Craving.





التعبيراتالتعبيرات