‏إظهار الرسائل ذات التسميات صحة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صحة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 14 مارس 2024

سبع فوائد للصيام

سبع فوائد للصيام 





للصوم فوائد كثيرة على الإنسان، فهو يساعده على ضبط النفس والتقليل من العادات السيئة، والتقرب إلى الله، إلا أن فوائد الصوم لا تقتصر فقط على الجوانب الروحية والنفسية، بل إنها تشمل أيضًا الفوائد الصحية، وفيما يلي 8 فوائد صحية للصوم ينبغي أن تعرفها:


1- يساعد على إزالة السموم من الجسم:


فالسموم توجد حولنا في كل مكان، في الهواء والطعام ونتيجة العمليات والتفاعلات الكيميائية التي تتم داخل الجسم، وكثير من تلك السموم يتم تخزينها داخل دهون الجسم، وأثناء الصيام يتم حرق تلك الدهون، مما يساعد على التخلص من السموم.


2- يفيد الجهاز الهضمي:


فالصوم يريح الجهاز الهضمي ويساعد على الحفاظ على توازن السوائل في الجسم. وخلال شهر رمضان يضطر البعض إلى تغيير عدد من عاداتهم السيئة، مثل تقليل التدخين وشرب القهوة، اللذين يؤثران بشكل كبير على المعدة والجهاز الهضمي، وهناك بعض أمراض الجهاز الهضمي يكون الصوم بمنزلة علاج لها وتخفيف للأعراض التي يعانيها المريض، كالتهاب المريء الارتجاعي، والقولون العصبي.


3- يساعد على علاج الالتهابات وأمراض الحساسية:


فقد أثبتت بعض الدراسات أن الصوم يساعد على علاج الالتهابات وبعض أمراض الحساسية والتهاب المفاصل والأمراض الجلدية مثل مرض الصدفية.


4- يقلل من مستويات السكر في الدم:


يساعد الصوم على تكسير الجلوكوز مما يقلل إنتاج الإنسولين، وبالتالي يريح البنكرياس، مما يؤدي في النهاية إلى خفض مستويات السكر في الدم.


5- يساعد على حرق الدهون:


فكما قلنا فإن الصوم يساعد على تكسير الجلوكوز، مما يسهل حرق الدهون لإنتاج الطاقة اللازمة للجسم، وخصوصًا الدهون المخزنة في الكليتين والعضلات.


6- يعالج ارتفاع ضغط الدم:


الصيام أهم الطرق الطبيعية لخفض مستويات ضغط الدم، فهو يساعد على التقليل من خطر تصلب الشرايين، وتقليل معدلات الأيض ومعدلات الهرمونات كالأدرينالين، مما يساعد على خفض مستويات ضغط الدم.


7- يعزز العادات الغذائية الصحية:


حيث أشارت الدراسات الطبية إلى أن الصوم يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة، ويعزز الرغبة في تناول الأطعمة الصحية.


الثلاثاء، 25 يوليو 2023

كيف تتجاوزين صدمة الطلاق ..؟ ...بقلم : د. ياسمين المسلمي

 كيف تتجاوزين صدمة الطلاق ..؟ ...بقلم : د. ياسمين المسلمي

 




- بداية يجب تعميق الصلة بالله عز وجل ، والإكثار من الدعاء للتخفيف من أثر الصدمة.

- يجب أن تقر بينها وبين نفسها أن ما حدث هو قضاء وقدر وقد حدث لحكمة يعلمها الله عز وجل.


- أن تحاول في فترة ما بعد الطلاق أن تقف مع نفسها وقفة صريحة ، لا لجلد الذات أو توبيخها ولكن لتضع يدها على الأخطاء التي وقعت فيها في تجربتها السابقة حتى لا تكرر الخطأ في التجارب التالية.

- أن تحاول أن تتحلى بالتسامح والعفو عن الطرف الآخر لترتاح نفسيًا


- أن تحرص على الوفاء بحقوقها المادية وحقوق أبنائها إن وجدوا لأنها أمانة تسأل عنها أمام الله عز وجل.

- أن تبقي على قناة اتصال بينها وبين زوجها السابق لعل هذا يساعد على رعاية الأبناء دون وجود مشكلة.

- محاولة الخروج من أسر ذكريات الماضي حتى تتمكني من تجاوز المراحل الصعبة لما بعد الطلاق.


- البحث عن أدوار اجتماعية جديدة يمكن القيام بها من خلال الأسرة ، كتوطيد صلات الأرحام وتفعيلك لدور الخالة أو العمة ، ما يساعد على الاندماج في المجتمع.

- عدم إفشاء الأسرار مهما كان يكلفك هذا من ثمن باهظ أو اتهام من هنا أو هناك ، فهذا من دواعي الخلق الكريم.


- عدم اللجوء للحيل الدفاعية عن النفس بإلصاق تهم العجز والتقصير بالطرف الآخر لتتجاوزين هذه المحنة دون قلق.

- العمل على شغل أوقات الفراغ خاصة في المراحل الأولى بعد الطلاق ، وشغل الذهن باهتمامات جديدة.

يمكنك اللجوء إلى استشاري نفسي أو متخصص في الإرشاد النفسي لتجاوزين صعوبات المراحل الأولى بسلام.


د. ياسمين المسلمي       

استشاري نفسي وتربوي وأسري 

وتعديل سلوك وصعوبات تعلم   

والعلاج بالحرية النفسية     

الاثنين، 19 ديسمبر 2022

وفاة عالم النفس الكبير أ.د يحيى الرخاوى

          وفاة عالم النفس الكبير أ.د يحيى الرخاوى

كتب : محمود العيايدي :






طبيب نفسى وأديب مصرى من مواليد القاهرة 1933 حصل على دكتوراه الطب النفسى في عام 1963 ودبلوم الأمراض النفسية والعصبية عام 1961 –

تدرجه الأكاديمي

  • بكالوريوس الطب والجراحة، كلية الطب، جامعة القاهرة، 1957.
  • دبلوم الأمراض الباطنية، 1959 كلية طب قصر العيني- جامعة القاهرة.
  • دبلوم الأمراض النفسية والعصبية، 1961 كلية طب قصر العيني - جامعة القاهرة.
  • دكتوراه الطب النفسي، 1963 كلية طب قصر العيني - جامعة القاهرة.


له أكثر من 40 كتاب أشهرها (حكمة المجانين, عندما يتعرى الإنسان, علم النفس تحت المجهر, مبادئ الأمراض النفسية),

إضافة إلى إشرافه على 34 دراسة علمية للماجستير والدكتوراه وهو عضو مؤسس للكلية الملكية للأطباء النفسيين، وحصوله على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عن روايته “المشى على الصراط” عام 1979، وله عدة حوارات صحفية عن تحليل شخصية بعض رؤساء الجمهورية والشخصيات السياسية.

ورغم حصوله على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1957 من كلية الطب قصر العينى، إلا أنه فضَّل التخصص في الطب النفسى وتفوق فيه وهو كبير مستشارى دار المقطم للصحة النفسية، كما عمل مستشارًا للطب الشرعى بعدة محاكم في مصر والسعودية والسودان،

وتولى عضوية المجلس الأعلى للثقافة بلجنة التربية وعلم النفس ولجنة الثقافة العلمية.

الخميس، 27 مايو 2021

فى بيتنا مدمن (الحلقة الخامسة عشر) .. بقلم ا.د أحمد الباسوسى

 فى بيتنا مدمن (الحلقة الخامسة عشر) .. بقلم ا.د أحمد الباسوسى




بافلوف ونظرية الارتباط الشرطي الكلاسيكي


ان طبيب الباطنة الروسي العظيم ايفان بتروفيتش بافلوف بينما كان يجري تجاربه على الجهاز الهضمي في معمله على "كلبه" لم يكن يتصور انه يفتح بابا مهما في التعرف على بعض اسرار الخبايا النفسية يدخل به تاريخ علم النفس مثل فرويد ويونج وسكينر وغيرهم. ملاحظاته الدقيقة اوصلته الى الكشف عن مبادئ هامة في علم نفس التعلم أوصلتها الى درجة النظرية الكاملة هي نظرية التشريط الكلاسيكي Classical Conditioning Theory تتمثل في المبادئ الرئيسية التالية. الارتباط غير الشرطي أو الطبيعي Unconditioned ويتعلق باستجابة افراز اللعاب لدى الكلب لمثير (الطعام). يسمى المثير الطبيعي أو غير الشرطي Unconditioned Stimuli . 





وان الارتباط الشرطي Conditioned ويتعلق باستجابة افراز اللعاب لدى الكلب لمثير آخر مثل (الصوت أو الضوء...) ويسمى المثير شرطي Conditioned Stimuli ذلك المثير الذي تزامن وجوده أثناء حدوث الاستجابة الطبيعية للمثير (الطعام). بالاضافة الى مبادئ أخرى مثل تمييز الاستجابة Discrimination Response وانطفاء الاستجابة Inhibition Response الذي يشاع استخدامه في العلاج النفسي السلوكي للتعامل مع السلوكيات المزعجة التي يريد الفرد ان يتخلص منها .. الخ. 




تم استثمار هذه المبادئ الأوليه في نظرية التشريط الكلاسيكي لبافلوف في انجاز تطبيقات هامة في تفسير وعلاج مظاهر وأعراض الادمان سميت بنظريات التشريط Conditioning theories  انبنت على اساس الارتباط بين آثار المخدر والموقف المثير حيث يحدث تعاطي المخدر، ومعنى ذلك ان كل مايرتبط بجوانب الاستمتاع ( في خبرة التعاطي ) من اشياء واشخاص ومشاهد ... الخ يصبح هو نفسه من بين العوامل التي تساعد على استمرار المتعاطي في ممارساته  



يعد  وكلر  أول من طبق نظرية التشريط الكلاسيكي لبافلوف لتفسير اكتساب سلوك تعاطي العقاقير والمخدرات واستمراره أو انطفاؤه . وافترض ان عوامل التشريط تلعب دورا مهما في ادمان العقاقير والمخدرات . وقد أشارت الابحاث التجريبية على الحيوانات ان معدل الاستجابات القائمة على التشريط يتزايد معدلها حينما تتبع هذه الاستجابات بالحقن بمشتقات الأفيون أو منبهات الجهاز العصبي مثل الامفيتامينات أو الكوكايين أو بالمسكنات مثل الباربيتيورات (المنومات). أيضا اعتقد ويكلر ان الانماط السلوكية والاشياء المتعلقة بتعاطي العقاقير والمخدرات تصبح مدعمات ثانوية secondary reinforces نتيجة للاقتران المتكرر مع التدعيم الاولي primary reinforcement المتعلق بتعاطي العقاقير والمخدرات . وعلى هذا النحو أيضا فان المنبهات المرتبطة بشكل منتظم باعراض الانسحاب تكتسب خواص شرطية مؤلمة.




 لقيت هذه النتائج دعما من بعض البحوث التجريبية ، خاصة الابحاث التجريبية في مجال علم النفس الدوائي psychopharmacology  ومن أهمها البحث الذي قدمه كومر وستولرمان المتعلق بالمظاهر التجريبية والاكلينيكية للمعتمدين على العقاقير والمخدرات . كذلك اتفقت مع الملاحظات الاكلينيكية المتعلقة باستجابات المدمنين حينما يصفون حالة " الاشتياق أو الهفة " الى العقاقير والمخدرات حينما يزورون أماكن ارتبطت لديهم ببيع أو تعاطي العقاقير والمخدرات . أيضا أمكن تفسير بعض المفاهيم المتعلقة بالتعاطي مثل مفهوم تحمل العقار drug tolerance  ، بمعنى حدوث تغير عضوي فيزيولوجي يتجه نحو الزيادة في المادة محدثة للادمان بهدف الحصول على نفس الأثر الذي امكن تحصيله من قبل بجرعة أقل  . 



كذلك تفسر حالات الاعتماد على العقار drug dependence  ويذهب وكلر الى ان المعدلات العالية للانتكاسة في العلاج عند المدمنين قد تعزى الي الانطفاء غير المكتمل لكل من التدعيمات الثانوية الموجبة والسالبة. 




ومن التفسيرات الشيقة التي تحمل وجهة نظر معاكسة لظاهرة " التحمل " والتي انبنت على اساس  من بعض البحوث التجريبية ما تقرر بواسطة سيجل في سياق نظرية  " العملية – المقاومة opponent-process ان الاستجابات الشرطية للعقاقير المخدرة والكحوليات تكون مقاومة للتأثيرات غير الشرطية للمواد المخدرة والكحوليات ومثيرات التعاطي عموما. ولذا فانه عندما تقدم مثيرات التعاطي من دون العقار تنشط الاستجابات الشرطية التعويضية . ومع التزايد التدريجي في قوة الاستجابات الشرطية التعويضية، يتناقص التأثير غير الشرطي للعقار أي تنشأ حالة من " التحمل للعقار" . 



ومن ثم يتوقف حدوث " التحمل " على الخبرات السابقة في بيئة التعاطي، وكذلك على العقار ذاته.  ويفترض ايكيلبوم وستيوارت ان العقار أو المخدر ينبغي اعتباره مثيرا غير شرطي حينما يؤثر بفعالية في نظام الجهاز العصبي المركزي . وان تأثيرات العقار التي هي عبارة عن ردود فعل فسيولوجية وسيطة من خلال الجهاز العصبي المركزي هي التي ينبغي تحديدها على انها الاستجابات غير الشرطية     .. 





وفحص شيرمان وزملاؤه مدى مطابقة مبادئ بافلوف بالنسبة لاكتساب أو التنفير من المثيرات المرتبطة بالكحول . وكذلك ما يتعلق بتحمل الكحول وتطور الدفع او الاشتياق للكحول، وقرروا ان مبادئ بافلوف في التشريط الكلاسيكي تساهم في فهم الظاهرة، وان المنظور البافلوفي المتضمن في سلوكيات الاعتماد على المخدرات يمكن تعديله بالانطفاء التجريبي  






الخميس، 20 مايو 2021

فى بيتنا مدمن (الحلقة الرابعة عشر) ... بقلم ا.د أحمد الباسوسى

فى بيتنا مدمن (الحلقة الرابعة عشر) ... بقلم ا.د أحمد الباسوسى




عوامل الانتكاسة بين الوهم والحقيقة


ان المدمن المطلق سراحه توا من المصحة، وتجاوزه أبوابها يفقد حصن الحماية والأمان أو المحمية التي كان يحتمى  داخلها. تهيمن عليه مشاعر الضعف والوهن والخوف، عكس مشاعر القوة والسيطرة التي كانت تتملكه قبل لحظات داخل أسوار المصحة (المحمية التي يحتمي داخلها). هذا الشعور بالوهن يصبح البيئة الخصبة المهيئة لتواتر كافة صنوف المشاعر السلبية الدافعة بقوة نحو التعاطي من جديد، وسوف نوضح اسباب ذلك لاحقا في حديثنا عن عوامل الانتكاسة. 

وفيما يخص العائلة والاقارب تتواتر لديهم مشاعر القلق والتوجس من الانتكاس وتكرار السيناريوهات السابقة. ان الأمر في حاجة الى فحص أكثر دقة لتلك الظروف التي تدفع  بعودة الشخص المتوقف الى التعاطي من جديد. 






كما ذكرنا انشغل اختصاصيون محترفون بهذه المسألة كثيرا، منها ما قرره برادلي وزملائه ان نحو (64%) من المنتكسين ذكروا  ان سبب عودتهم الى التعاطي يرجع الى العوامل المعرفية وما تتضمنه من تعمد الفرد وتخطيطه للعودة للتعاطي من جديد. 


كذلك ذكر نحو (52%) من المنتكسين ان سبب عودتهم يرجع الى المزاج الاكتئابي (يشتمل المزاج الاكتئابي على الغضب/الاكتئاب/القلق) أو الملل أو الغضب أو الحزن أو الوحدة أو القلق أو التوتر، أو مزيج من كل ذلك. 







وذكر نحو (50%) من المنتكسين المؤثرات الخارجية التي تشير الى أحداث، أو مواقف ليست لها علاقة مباشرة بالتعاطي لكنهم برروا  الانتكاسة بسبب هذه المواقف أو الاحداث. أيضا ذكر المنتكسون العوامل المعرفية والمزاجية واعتبروها أكثر العوامل المؤدية الى الانتكاسة. 
واعتبر المنتكسون ان العوامل المعرفية والمزاج أكثر العوامل المؤدية الى الانتكاسة. وبالنسبة لأكثر العوامل شيوعا المؤدية الى الانتكاسة، ذكر المنتكسون المزاج السلبي، والعوامل المعرفية، ومغادرة المصحة أو السجن، بما يعني فقدان غطاء الحماية. 


وجدير بالذكر ان أسوار المصحة وما يعتمل داخلها من اجراءات علاجية/وقائية تكون حصنا منيعا لدى المدمن تحت العلاج من امكانية انتكاسته وعودته الى التعاطي، وبذلك يستشعرها المريض كأنها محمية ترفع من مناعته الشخصية ضد الانتكاسة، وكذلك تزيد بقوة من درجة ثقته بنفسه، حيث تمنحه شعورا طاغيا بقوة ثقته بنفسه، وقوة ارادته في امكانية التعامل مع الواقع الخارجي والسيطرة عليه، لذلك نلحظ الكثير من طلبات الخروج من المصحة في اعقاب حالة الاستقرار البدني وزوال آثار السموم من اجسادهم. 






المرضى هنا وقعوا في فخ الثقة بالنفس المفرطة الزائفة، بمعنى ان تلك الثقة المكتسبة آنيا مجرد شعور طاغي وهمي تملكهم بعد الشفاء من الاعراض الانسحابية بسبب  ووجودهم في "المحمية"، وتوقعهم بان الظروف في العالم الخارجي تتماثل مع ظروف وجودهم داخل المصحة أو المحمية. لذلك نقوم بالكثير من الجلسات معهم من أجل اقناعم ان مشاعر الثقة المفرطة في النفس الآنية وهمية، لأنها لم تختبر بعد، ولم يتم التأكد منها، ونستعين بذلك بخبرات زملائهم الآخرين الذين مروا بنفس الظروف، وعادوا للتعاطي على بوابات المصحة حتى قبل ان يبلغوا منازلهم. 


وفيما يتعلق بالعوامل المرتبطة باستمرار التعاطي ذكر المنتكسون العوامل المعرفية والمزاج والمؤثرات الخارجية على الترتيب . 





ان العوامل المعرفية والمزاج والمؤثرات الخارجية أكثر العوامل المؤدية للانتكاسة شيوعا، لكن هناك عوامل أخرى تؤدي الى انتكاسة المدمن المتوقف مثل الاغراء أو الدفع الى التعاطي من قبل اصدقاء التعاطي السابقين أو غيرهم. . أيضا تتضمن العوامل المؤدية للانتكاس عامل اللهفة أو الاشتياق للتعاطي Craving. 

الأربعاء، 12 مايو 2021

فى بيتنا مدمن (الحلقة الثالثة عشر) ... بقلم ا.د أحمد الباسوسى

 فى بيتنا مدمن (الحلقة الثالثة عشر) ... بقلم  ا.د أحمد الباسوسى




فرحة الخروح من "سجن" المصحة 


ان الظروف الخاصة بالانتكاسة وعودة المدمن المتوقف الى حظيرة التعاطي صعبة ومتحدية، وكما يشغل هذا الأمر ملايين الأسر حيث يعاني ابنائهم من مشاكل التعاطي والادمان فانه يشغل بال المختصين المحترفين في المجال كذلك.

ان المريض المتوقف والخارج حديثا من مصحة العلاج يكون "هشا" vulnerable ضعيفا تجاه الضغوط النفسية والاجتماعية. رغم فرحة الخروح من "سجن" المصحة واستقبال الحرية تنتابه مشاعر غامضة من القلق والتوجس واقتراب الخطر.

 


اعتدت في جلسات العلاج الجمعي ان احتفي بالمريض الذي أوشك على الخروج من المصحة ولن يكون معنا في الجلسات اللاحقة. كنت اطلب من كل مريض في الجلسة ان ينظر الى صاحبنا في عينيه، ويذكر سلبياته وايجابيته في فترة وجوده بينهم. ثم بعد ذلك اقوم  بنفسي بتقييمه بنفس الطريقة.

 

والهدف من هذا الاجراء المعرفي واضح وهو رؤية المريض المدمن المتوقف لذاته من خلال العديد من المرايا الخارجية الممثلة رؤية وتعليقات زملائه في الجلسة له وكذلك معالجه حتى يتم استجلاء سلبياته أو أخطائه التي لايستطيع ادراكها بسبب مرأته الذاتية التي انكسرت بفعل أحداث التعاطي والادمان وتحدياتها، وكذلك يتاح له الفرصة ليرى ايجابياته أو حسناته بوضوح شديد، حيث لايستطيع رؤيتها بسبب مرآته الذاتية المكسورة،

 


ومن المعروف ان سياق الادمان ومشاكله ينجم عنه فقدان شديد لثقة الشخص في نفسه، مع مشاعر متواترة من الدونية والعجز، وبالتالي تتأثر قدرة الشخص على رؤيته أو مدركاته الخاصة بعيوبه ومزاياه، ويكون داخله قد تغلف بغلالة اكتئابية مزعجة.

 

بعد ذلك يسمح للمريض بالتعليق على تعليقات زملائه، وكل ما جرى في الجلسة. يتبع ذلك استفسار من المعالج عن مشاعره الآنيه (هنا والآن) بالنسبة لخروجه النهائي من المصحة. بعضهم يرد بعفوية "مبسوط طبعا هاطير من الفرح"، وعندما يتنبه الى مبلغ الخطر المتربص خارج بوابات المصحة، سواء عن طريق المعالج أو أحد زملائه في الجلسة، يتغير لون وجهه على الفور، تنقلب علامات الفرح وتعبيراتها المنفلتة الى امتقاع، وتجهم واضح، وتظهر علامات الخوف في وجهة، تتلعثم لغته، يعلن خوفه من المجهول". 









فى بيتنا مدمن (الحلقة الثانية عشر) . . . بقلم ا.د أحمد الباسوسى

 فى بيتنا مدمن (الحلقة الثانية عشر) . . . بقلم ا.د أحمد الباسوسى





زمن حدوث الانتكاسة وعودة المرض من جديد

في سبعينيات القرن الماضي أجرى بعض الباحثين مسحا لمجموعة من الدراسات الخاصة بمدمني السجائر والكحول والهيروين، تعلق هذا المسح برصد المعدلات الزمنية لحدوث الانتكاسات لدى هذه الفئات عقب اتمام البرامج العلاجية كما ورد في هذه الدراسات، وجاءت النتائج مدهشة، تبين ان ثلثي الانتكاسات حدثت خلال (90) يوما الأولى من متابعة العلاج، كما تنبين للباحثين كذلك تشابه منحنيات الانتكاسة بالنسبة للفئات الثلاثة فيما يتعلق بالفترة الزمنية للانتكاسات  .

وتساءل احدهم وزملائه عما يحدث لمدمني الهيروين بعد العلاج، وجاءت الاجابات التالية في سياق دراسة علمية منضبطة، انه بعد (6) اسابيع من الخروج من المصحة فان ثمانية من افراد العينة تعاطوا الهيروين في المناسبات بمعدل أقل من مرة واحدة في اليوم .. ستة عشر مريضا تعاطوا الهيروين المخدر يوميا واعتبروا في حكم المنتكسين .. ثمانية وثلاثون مريضا من بين أفراد العينة الخمسون تعاطوا الهيروين على مراحل مختلفة.

أيضا تبين من تحليل انتكاسات ثلاثة وعشرون شخصا حدثت لهم "زلة" قبل وخلال اسبوع واحد فقط من المغادرة  ان خمسة أفراد منهم تعاطوا أثناء فترة الاقامة بالمصحة. سبعة تعاطوا في نفس يوم مغادرتهم للمصحة. احدى عشر فردا تعاطوا خلال اليومين التاليين للخروج من المصحة. وكذلك ثلاثة عشر فردا تعاطو خلال الاسابيع الخمس التالية.

 

تابعت الدراسة هؤلاء الأفراد Follow-up على مدى ستة أشهر. تم تقسيمها على ثلاثة مراحل متساوية مدة كل مرحلة شهرين اثنين. وتبين انه خلال الفترة الأولى (الشهرين الأولين من المتابعة) ساد نمط التحرر من التعاطي بالنسبة لسبعة عشر فردا . بينما تعاطى تسعة عشر فردا الهيروين المخدر بصورة يومية. وخلال الفترة الثانية (الشهرين التاليين) ارتفع عدد غير المتعاطين الى واحد وعشرون فردا اضافة الى ثمانية أفراد ظلوا يتعاطون في المناسبات فقط بمعدل أقل من مرة يوميا. وفي الفترة الثالثة (آخر شهرين من المتابعة) ارتفع عدد غير المتعاطين الى خمس وعشرون فردا، وعدد المتعاطين بصورة يومية الى تسعة عشر، بالاضافة الى ستة افراد يتعاطون أقل من مرة واحدة يوميا.

 


أيضا يشير الباحثون في تفسيراتهم للنتائج الى حدوث تغيرات هامة تتعلق بجرعات التعاطي (Doses) حيث اشار التتبع بعد العلاج ان الأمر اختلف في آخر شهرين من المتابعة مقارنة بجرعات التعاطي وقت دخولهم المصحة(ثلاثة عشر يتعاطون جرعات خفيفة. ستة وعشرون يتعاطون جرعات متوسطة. عشرون يتعاطون جرعات كبيرة عند الدخول . فمن بين خمسة وعشرون فردا تبين ان عشرة منهم كانوا يتعاطون جرعات خفيفة، واثنى عشر كانوا يتعاطون جرعات متوسطة، وثلاثة افراد فقط يتعاطون جرعات كبيرة.

 

أيضا حدث تغير هام في طريقة التعاطي ذاتها. كشف هذا البحث التتبعي الهام ان من بين عدد (30) فردا كانوا يتعاطون الهروين المخدر عن طريق الحقن في الوريد عند الدخول تقلص هذا العدد خلال المتابعة العلاجية ليصبح (17) فردا فقط.

 

كذلك ما يتعلق بتعاطي المواد البديلة أشار البحث الى انه من بين الخمسة وعشرون فردا الذين توقفوا عن التعاطي خلال شهور المتابعة الستة تبين ان ثمانية منهم كانوا يتعاطون الحشيش كبديل أقل من مرة يوميا، وفردين اثنين تعاطوا الكحول بكثافة. وتعاطى فردين اثنين الحبوب المنشطة (الامفيتامينات) أقل من مرة يومياً .. وفرد واحد فقط كان يتعاطى الحبوب المهدئة.

 

ان هذا البحث التتبعي الهام يؤكد على مسألتين في غاية الأهمية ينبغي التنبه لهما. المسألة الأولى تتعلق بصعوبة التحديات التي تواجه المدمن "المسكين" أثناء فترة علاجه سواء داخل المصحات أو في المتابعة خارجها لاحقا. وسوف نتحدث بالتفصل عن طبيعة هذه التحديات المهددة للمريض تحت العلاج بالانتكاسة.

 


وثاني هذه المساءل يتعلق بأهمية الخبرة العلاجية وتراكمها في "وعي" Conscious المريض المدمن ، الأمر الذي يدعونا الى ضرورة عدم اليأس وعدم التردد في اللجوء الى العلاج النظامي الطبي/ التأهيلي على الرغم من مستوى الدافعية المنخفض من قبل المريض مثلا، وعلى الرغم كذلك من الانتكاسات المتكررة التي يكون قد يتعرض لها بعض المرضى بعد الخروج من المصحة، وعلى الرغم ايضا من وجود بعض المشاعر السلبية التي يخبرها المريض تجاه بعض مصحات العلاج. فان المؤكد ان المريض خلال وجوده في هذه الأماكن العلاجية يتلقى اشارات وتنبيهات مهمة من قبل اختصاصيين محترفين في المجال يستلمها عقله الواعي Conscious (أحيانا) وعقله اللاواعي Subconscious (معظم الاحيان) ويتم اختزان كل تلك الخبرات حتى تحين اللحظة المناسبة للتوقف والتعافي.

 

ان الباحث المدقق في نتائج هذه الدراسة التتبعية يستطيع بسهولة ان يحدد ملامح التأثير الهام لديناميات العمليات العلاجية سواء داخل المصحة أو خارجها أثناء المتابعة العلاجية، ودورها في احداث حالة من الوعي بالتوقف والتعافي لدى أفراد هذه  الدراسة.

الأحد، 2 مايو 2021

فى بيتنا مدمن (الحلقة الحادية عشر)..... بقلم ..ا.د أحمد الباسوسى

 

فى بيتنا مدمن (الحلقة الحادية عشر)

                                              بقلم ..ا.د أحمد الباسوسى




                             الانتكاسة، وكيف تكون الزلة نافعة

من دون شك تظل انتكاسة المدمن وعودته مرة أخرى الى التعاطي حادث دراماتيكي كبير. تأثيرها يتجاوز حدود المدمن الى ما هو أبعد من ذلك. ان المريض الذي يستسهل، أو لايبذل الجهد الكافي لكي يحافظ على امتناعه وتوقفه وينزلق الى التعاطي من جديد يواجه تحديات عظيمة تتضمن ما يلي:

اولا: مشاعر سلبية كبيرة تتعلق باليأس والعجز من امكانية الخروج من دائرة التعاطي.

ثانيا: مشاعر سلبية تتعلق باحباط الاقارب ويأسهم من امكانية شفاء المريض.

ثالثا: مشاعر تشكك مجتمعبة تطول مبدأ علاج الادمان من أصله، وتساؤلات عن جدواه.

رابعا: مشاعر سلبية تتعلق باحباط المعالج نفسه وفتور حماسه أثناء تعامله مع المرضى الآخرين.

ان خطورة التعامل الناعم أو غير الجاد من قبل المريض  في مسألة العلاج جسيمة وتخلف تأثيرات سلبية  كبيرة على المدمن والذين يدورون في فلكه. التعريفات القاموسية تشير الى ان كلمة "انتكاسة تعني الارتداد الى نفس الحالة بعد التحسن. أو انها ارتداد وعودة المرض. وكذلك تشير الى الارتداد لممارسة العادات السيئة .(Webster:1988) يذكر مارلت Marlaat,1985 انه قد نشب جدل كبير في احدى الندوات الخاصة بالمعتمدين على الكحول من أجل الوصول لمفهوم دقيق للانتكاسة، طلب من مرشدين التعافي وبقية الحاضرين المشاركة بتداعياتهم الذاتية في تحديد معنى الانتكاسة. أجاب بعضهم انها تعني عودة المرض، والبعض الآخر اجاب انها تعني فشل العلاج، كذلك قرر آخرون انها تعني الردة الى حالة الادمان (Marlatt: 41:1985). وفي سياق آخر لاحق ذكر كل من دالي ومالات ان ما يصعب الوصول لتعريف محدد للانتكاسة  يتمثل في عدم وجود شيئ محدد يمكن القياس عليه. حيث ان بعض الافراد يخبرون بالانتكاسة الكاملة. بينما هناك آخرون يتعاطون نفس المواد بنفس الكميات والجرعات ولا يعودون لنفس المستوى السابق من التعاطي ( Daly And Marlat:534:1992)  .



وهنا يبدو ان بعض الباحثين يعتبرون الانتكاسة بمكن تمثيلها على متصل Dimension أو تدريج على متصل من درجات يبدأ من الدرجة البسيطة حتى الدرجة الشديدة. هذا الأمر يبدو متعارض الى حد كبير، ولايتسق مع مفهوم التعافي المطلوب من المريض في نهاية المطاف، حيث لا يجب ان يكون هناك وجود للمرض من أصله. ولاحقا ذكر كل من مارليت وباريتي ان الانتكاسة تعني حدوث خلل أو هتك لقاعدة مفروضة على الذات أو مجموعة القواعد التي تحكم معدل أو نمط السلوك الذي تم اختياره  . وعرفها كل من أنيس ودايفز باعتبارها الفشل في الاحتفاظ بالسلوك  ا لذي يكون قد تغير   . التعريفين الأخيرين يتميزان بشمولية مفهوم الانتكاسة وعدم الاقتصار على المخدرات والكحوليات فقط، بل يمكن ربط معنى الانتكاسة بالكثير من مناحي سلوكياتنا في الحياة اليومية. لكن دعنا هنا نطرح فهما منطقيا قد يدعو الى التفاؤل في التعامل مع هذه القضية يتعلق   بالتمييز بين ما يسمى بالانتكاسة الكاملة Relapse والزلة Lapse .






 الانتكاسة الكاملة تعني عودة المرض الى خط  الأساس Base Line أي الى نفس حالة المريض قبل دخوله مصحة العلاج والانخراط في برنامجه العلاجي. واما الزلة فتعني حدوث نوبة أولية من التعاطي بعد فترة من التوقف. الأمر يشبه صورة ذلك الشاب الذي يترجل في الشارع متباهيا في حلته الانيقة وعطره الفواح من دون حذر، وفجأة تنزلق قدماه ويسقط في حفرة بكامل جسده على الارض المتربة. هذا الشاب اذا قام سريعا من عثرته وتخلص من آثار السقوط وتابع سيره الى حيث يريد فاننا نعتبر هذا الحدث مجرد زلة وانتهت. وأما اذا لم يستطع الشاب الوقوف على قدميه ومتابعة سيرة حيث يريد، وظل مسجيا على الأرض  هنا تكون الانتكاسة الكاملة. اذا الزلة مجرد هتك أو اخلال بالقواعد التي الزم بها الشخص نفسه، بالنسبة للمدمن المتوقف تكون الزلة بمثابة أول نوبة تعاطي بعد فترة من التوقف. 



ويمكن لهذه النوبة ان تنتهي بسرعة مثل حال الشاب الذي قام بسرعة من عثرته ونفض الغبار الذي علق به وواصل سيره، وفي هذه الحالة يستفيد منها الشخص لانها تضعه في موقف متقدم مقارنة بموقفه قبل حدوث الزلة فيما يخص تعافيه المنشود، حيث يتحقق له من خلالها تعلم خبرات ومهارات جديدة في مسار تعافيه، وفي هذا السياق يطلق عليها "الزلة النافعة"، حيث يخرج المدمن المتوقف منها وقد اكتسب خبرات من النمو النفسي الشخصي Psychological Growth وكذلك النضج النفسي، تسهم في تغير نظرته للواقع الجديد، وتزيد من قدرته على الثبات والاستمرار وتحقيق التوازن بين واقعه الداخلي الملح دوما للتعاطي، وواقعه الخارجي الجديد الملئ بالصعوبات . ويمكن ان يتصاعد السلوك الانتكاسي ويتجه نحو خط الاساس كما ذكرنا سابقا الي فترة ما قبل العلاج (الادمان)، وفي هذه الحالة تكون الزلة قد تحولت الى انتكاسة كاملة .


ان الاتجاهات الحديثة في علاج الادمان  خاصة فيما يتعلق بمناحي الوقاية من الانتكاسة تنظر الى الزلة نظرة اكثر تفاؤلا على اعتبار انها ( اي الزلة ) فرصة للفرد ليتحدى الخطأ أو السقوط . وأيضا تعتبر فرصة لحدوث  تعلم جديد. وفي العيادات الاكلينيكية ينظر الى الزلة اثناء مسيرة العلاج باعتبارها جزء من العملية العلاجية ينبغي الاستفادة منها والتعلم من كافة الظروف المسببة لها.

الخميس، 29 أبريل 2021

فى بيتنا مدمن ..(الحلقة العاشرة).. بقلم ا.د احمد الباسوسى




                                                                            الانتكاسة للادمان

ان الانتكاسة والعودة مجددا للتعاطي والادمان ربما يكون أمرا لاينبغي ان يزعج المريض وذويه، ولا المعالجين الاختصاصيين في المجال. ببساطة يمكن ان نعتبر الانتكاسة والعودة للتعاطي من جديد من متطلبات البرنامج العلاجي التأهلي طويل الأمد. وقبل ان ننزعج من هذا الأمر لابد ان نسلم بعدد من الحقائق تممليها علينا خبرات الممارسة الطويلة في مجال العلاج ومتابعة المرضى على مدى سنوات عديدة حتى بلوغ التعافي.

اول هذه الحقائق ان نسلم بازمانية مرض الادمان Chronicity وضرورة مصاحبته وترويضه مثلما يحدث هذا الأمر مع مرض السكري، عن طريق المتابعات الدوائية (اذا كانت مطلوبة) ورحلة البرنامج التأهيلي النفسي المطلوبة بشدة، وأذكر في هذا الصدد ذلك الأمريكي الذي توقف عن معاقرة الخمر لمدة 36 عاما وتغيرت حياته تماما، وأتى للعمل باعتباره خبير أو مرشد تعافي Drug counselor في أحد المراكز العلاجية المتخصصة في علاج الادمان مهمته مساعدة المرضى على التعافي وتدريبهم ليصبحوا مرشدين تعافي، كان يتحدث معنا في جلساتنا الخاصة عن الألم الذي ينتابه أحيانا مصحوبا بلهفة قوية Craving للعودة لشرب الكحول من جديد، رغم توقف (لايزال) منذ 36 عاما متصلة. الأمر الذي يضعنا في حالة من الحذر والترقب باستمرار. 



ثاني هذه الحقائق ان العلاج الناجع للادمان يتطلب انجاز تغيير شامل في نمط حياة الشخص المدمن يغاير تماما نمط حياته السابقة Life style change بكامل تفاصيلها والتي ترسخت في خلاياه العصبية وغيرت حتى في هرموناته، وتلك مسألة بالغة الصعوبة على أي شخص في المجمل، فما بالك بشخص خرج حديثا من محنة التعاطي ويكابد الآم سحب المخدر من جسده وعقله، وواقع مهدد بالعودة للتعاطي يشتمل على الكثير من التفاصيل الدقيقة، ومضطر الى التعامل معه على أي حال، يصبح مثل بهلوان السيرك المطلوب منه السير على حبل رفيع مشدود، مستخدما كامل قدرته على التركيز والاتزان. 

ثالث هذه الحقائق ان الشخص الذي يطلب التوقف عن التعاطي والشفاء مطالب بالدخول في حالة من النضج النفسي Psychological Maturation تسهل له امكانية الاستمرار في برنامج التأهيل رغم المكابدة والمشقة واغراءات العودة. وان بلوغ هذه الحالة من النضج النفسي يتطلب منه الحفاظ على الوجهة الذهنية خاصته، والتركيز على كل ما هو متوافق مع الواقع، وقامع لرغباته الشخصية الملحة الجانحة والمنفلتة، والتصالح مع الذات الجديدة التي يجب ان تتسم بحالة فريدة من التسامح مع نفسها والآخرين، وقبول الاختلاف والتناقض سواء داخل ذاته أو الآخرين، وبلوغ حالة من الهدوء الداخلي والسلام النفسي تساعده على التعامل الجيد مع ضغوط الواقع المحيطة، وحل مشكلاته باساليب جديدة تتسق مع التغير الحادث في شخصيته، وتلك مسألة بالغة الصعوبة والتعقيد.

رابع هذه الحقائق ان علاج الادمان ليس دوائيا، وان كان الدواء مطلوبا بشدة في مرحلة سحب المخدر من الجسد وتلك مرحلة طبية أولية، أيضا من الممكن استخدام الدواء في حالات شديدة الخصوصية عندما يكون الادمان مصاحبا لأحد اضطرابات الشخصية، في هذه الحالة يكون الدواء بقصد معالجة الحالة النفسية لو تطلب الأمر ذلك، في حين يكون علاج الادمان عن طريق البرنامج التأهيلي النفسي طويل المدى. ويترتب على هذه الحقيقة ضرورة اقتناع المريض وذويه بأهمية العلاج النفسي طويل المدى للادمان، وأهمية الاستمرار في اتباع البرامج والانشطة العلاجية المطلوبة، وأهمية الجدية في تنفيذها لمساعدتهم على التوقف والتعافي، والصعوبة في هذا الجانب تتمثل في ذلك الارث الثقافي المجتمعي والوعي المفقود الذي لايزال يحصر التعافي من الادمان داخل النظم الدوائية التقليدية فقط، اما استسهالا من جانب، واما بسبب عدم الوعي بأهمية نظم العلاج والتأهيل النفسي Psychotherapy and rehabilitation في التعامل مع مشكلة أو مرض الادمان.

خامس هذه الحقائق يتصل بالنقص الملحوظ في الكوادر البشرية المدربة على التعامل مع مرض الادمان والمدمنين واسرهم Professionality الأمر الذي يؤثر من دون شك على قيمة الخدمة الاحترافية المقدمة للمرضى ومتابعتهم على المدى البعيد. ومن ثم قد لاندهش مما قد يثار سواء بين المرضى وذويهم أو حتى بين الاختصاصيين في المجال ومجالات أخرى عن جدوى علاج الادمان!، وعن الانتكاسات المتكررة للمرضى خاصة في اعقاب خروجهم من مصحات العلاج، وعن عدم وجود رؤية واضحة محددة للتعامل مع مريض الادمان ومعالجته. ويتصل بذلك الأمر ما يتعلق بعدم الاتاحة أو المبادرة باتاحة برامج تدريبية جادة للمختصين في المجال من الأكفاء محليا، وكذلك ابتعاث المختصين الجادين الأكفاء الى الخارج  وخاصة الدول التي سبقتنا كثيرا في المجال للتدريب وتبادل الخبرات والعودة لتصميم البرامج والخطط العلاجية الفعالة التي تجتذب المرضى اليها وتضعهم على الطريق الصحيح. ويتطلب هذا الأمر ما يمكن ان نطلق عليه "صندوق خاص " لتدريب ورفع كفاءة جميع العاملين في المجال سواء محليا أوخارج البلاد، وسوف يتطلب هذا الأمر ميزانية خاصة خارج الأطر التقليدية المتاحة حاليا لتحقيق هذا الغرض.



سادس هذه الحقائق يتعلق بالصورة الذهنية النمطية التقليدية التي ترسخت لدى الكثير من الاطباء النفسيين وغير النفسيين عن دور الطبيب Physician اللامحدود في التعامل مع المرض والمريض، هذه الصورة لاتزال للاسف مهيمنة على العقول رغم الثورة الهائلة التي حدثت في الفكر ومناهج التعليم والتدريب ونشوء اختصاصات عظيمة أخرى تملك خبرات نوعية، وتقدم خدمات مميزة للمريض وذويه وحل مشاكلهم على نحو يقتصد في الجهد والوقت والمال، ويتعامل مع المعاناة باحترافية متميزة. لكن تظل عقيدة الطبيب "الجسدي" جامدة وتستهدف لعب جميع الادوار بصورة رئيسية، مع الاستعانة بمساعدين في بعض الاحيان. لسوء الحظ يجب ان نعترف ان ثقافتنا حتى الآن تنحاز، بل وتدعم العمل الفردي على حساب العمل الجماعي، لما يحققه العمل الفردي من مكاسب تخص صاحبه فقط، بينما تتوزع المكاسب على المشاركين في العمل الجماعي، وللاسف لاتزال مشاعر "الذاتوية" مهيمنة على الوعي الجمعي لاسباب كثيرة يتعلق معظمها بمشاعر عدم الطمأنينة، والخوف من المستقبل، والرغبة المفرطة في التميز والتفرد وتأكيد الذات...الخ من العوامل النفسية الدافعة الى الانكفاء ومحاولات الاستحواذ الفردي. ان فكرة العمل الجماعي تميز دائما المجتمعات المتطورة والتي بلغت درجة متميزة من الحداثة والتقدم، وفي مجال علاج الادمان لايحتكر الطبيب الجسدي المرض والمريض، بل هناك فريق علاجي كامل Team work يكون على رأسه الطبيب، له دور محدد يلعبه، وييسر للآخرين لكي يلعبون ادوارهم. فكرة الفريق العلاجي في علاج الادمان تنبني على أساس الفريق متعدد التخصصات Multidisciplinary Team الذي يتكون من الطبيب النفسي Psychiatrist والاخصائي النفسي الاكلينيكي Clinical psychologist والاخصائي الاجتماعي الطبي Social worker واخصائي التمريض Nursing staff ومرشد التعافي Drug counselor واخصائي الانشطة الرياضية، وتتمدد التخصصات لتشمل موظفوا المطبخ والنظافة والادارة ..... الخ. لتشكل لاحقا ما يمكن ان نسميه المجتمع العلاجي Therapeutic community . لكل فرد من هؤلاء دور محدد يؤديه وفقا لخطة علاجية واضحة المعالم مع المريض أو مع ذويه وصولا الى أقصى درجة ممكنة في علاجه. وبقدر الهارمونية أو الانسجام الحاصل بين عمل هؤلاء الافراد وادوارهم المحددة سلفا/ المتداخلة عمليا، وتوافقهم ورضاهم عما يفعلون، بقدر ما يرتفع مستوى الخدمة المقدمة للمريض، ويتحقق له أكبر قدر من الاستفادة الممكنة من الموقف أو المجتمع العلاجي، كذلك يتم الحصول على الطاقة القصوى الممكنة من كل فرد من أفراد الفريق العلاجي، وكل ذلك بالتأكيد ينصب في نهاية الأمر في صالح المريض، والعملية العلاجية، وكذلك المؤسسة العلاجية، ونجاحها في انجاز أهدافها العلاجية والمجتمعية. هناك اجتماعات دورية يقودها الطبيب رئيس الفريق لمراجعة ما تحقق أو لم يتحقق من أهداف أو برامج، والصعوبات الحالية، وطرح الحلول المناسبة، وتحفيز أعضاء الفريق على استمرار بذل أقصى جهد لانجاز الاهداف المطلوبة. ان غياب فكرة الفريق العلاجي يحرم المريض من الاستفادة من كامل طاقات أفراد الفريق العلاجي، ويحرم المؤسسة من الاستفادة من كامل طاقة العاملين فيها، وينعكس هذا الأمر على العملية العلاجية بالسلب، وعدم تحقيق اهدافها على النحو المطلوب.